
.. أحدهم يـُعيل أسرته حباً لها فحسب و حرماناً للنفس..
وقد وقفتْ مرتدية ًجورباً واحداً
وكانت (لولا) وهي تسترخي وقت القيلولة
وكانت (دولي) في المدرسة
وكانت (دولوريس) في الأوراق الرسمية
ولكن بين ذراعي.. كانت دائماً
لوليتا..
نور يضئ حياتي..
ونيران تشتعل في أحشائي
خطيئتي..
روحي
لوليتا
....
لو لم أقابل نابيل أولاً...
كان كلينا في الرابعة عشر من عمره
وما يحدثُ لصبي في صيف بلوغة الرابعة عشر من عمره
لا يمكن أن يمحى من حياته إلى الأبد .
إن فندق ( ميرانا ) الذي تراه خلفنا.. كان لنا وحدنا..
كانت تريد أن تصبح ممرضة.. وكنت أريد أن أكون جاسوس
وبدون أن ندري وفي لحظة مختلسة من الزمن، وقعنا في حب يائس، مجنون..
بعد أربعة أشهر ماتت من التيفود.. صدمة موتها جمدت شيئاً بداخلي..
الصبية التي أحببتها قد ماتت.. ولكني ظللت أبحث عنها
حتى بعد ان تركت طفولتي خلفي لسنوات طويلة
كان السم موجوداً في الجرح كما ترى.. ولكن الجرح لم يندمل!!
فلاديمير نابوكوف هنا ، فيما وصف بأنّها " قصّة الحب الوحيدة المقنعة في القرن " .. يحكي عن معاناة بطل الرواية "همبرت همبرت " في عشق فتاة لم تتجاوز الثانية عشرة من العمر، و سـقوطه الاخلاقي المتكــرر في سبيل الاحتفاظ بلذة العشق الأول التي أحس بها تجاه أول فتاة أحبها في طفولته.
سأعود كثيراً ، آمل ، للحديث عن همبرت همبرت بالذات .. ليس لأنّ في داخلي همبرت من نوع مــا ، قد يكون ، و لكن لأنّ فهم همبرت يمكن أن يجعل أيّ منا ينظر مجددا إلى ذاته و يبحث عن لوليتا(ه) .. ،
السؤال هنا .. هل قرأت " لوليتا " / هل شاهدت فيلم "لوليتا " ل ستانلي كوبريك ( 1962م ) .. ، نعم ؟ هل تتعاطف - بأي شكل - مع همبرت العجوز ؟
لا .. ؟ .. حسناً ، سأحدّثك أنا عنها
في الأتوبيسات المنطلقة من أنطاكيا إلى اسطنبول .. تعوّدت أن أختار شخصاً مناسباً ، أتقمّص له روح كاتب قصص جوّال يبحث في الإستراحات عن حكايا ضائعة ، أو فنان بوهيمي يريد أن تنتهي حياته بحادث اصطدام .
مــّرة أخبرتُ العجوز ، الذي اخترته ، أنني أبحث عن حبيبة تركتني قبل 5 أعوام و سمعتُ أنها الآن تسكن في الشوارع الخلفية للتقسيم. أشعر كثيراً بالإثارة حين يبدو مأخوذاً و يحوّر تعابير وجهه ليقول بدهشة : " يالها من حــياة " . بعدها .. و بكل ميلودرامية .. و في اللحظة المناسبة تماماً ، أتحدث عن موت أمّي و أنا في السادسة ، فيفتح خزانة عواطفه لي .
في الحقيقة ، حياتي فاشلةٌ تماماً ، و لا يمكن لأحد سواي أن ينظر لها باندهاش و حسد . لكنّ تلك الأرواح التي أتقمصها تساعدني كثيراً على تأجيل فكرة الإنتحار و تجعلني أصدّق ، وهماً ، أنّ حياتي قد تتحول يوماً إلى حياة ..
في الحقيقة أيضاً .. لم تمتُ أمّي و أنا في السادسة
حدث ذلك و أنا في الثانية عشر لكنّ السادسة تبدو لي أكبر تأثيراً .
و هكذا يا إخوتي ، الرتوش البسيطة أثناء الحكي ..
و تقمّص أرواح آخرين ، في علاقة عابرة مع عابرين
لهما سحر لن يفهمه أبداً
من لم يضطر لسرقة حنان الآخرين .
لـ أبي : أنــَا إستثمار ٌفاشل ، سيَخيْب أملكَ كثــيراً ..
عمّـي : أنــَا نصف مجنون .. و أكرهُك، إحترس فقد أبلغتُ عنك عزرائيل !
صاحب العمل : يشردُ ذهني كثيراً .. ستعمّ الفوضى ،
امرأتي : متى ستدهمكُ العربة يا حبيبتي و يزحفُ الأسوَد في خراباتي الصغيرة ، و يهتمّ الناس بي قليلاً ؟! ستدهمكُ العربة يا حبيبتي .. آآآه .
البحر : أعرف العوم جيّداً .. للأسف .
فراشة : أنت دودة ٌفي الأصل ..
أصدقائي : أنـَا جاهزٌ تماماً .. اشحذوا خناجركم ، نعم .. هنا .. بلطف .
فتــاة ليل : كلّ راتبي بجيب سترتي العلوي .. اعتني بي جيداً ، همم .... .
صموييل بيكـت : لا شيء يحدث .. لا أحد يجيء !
أيـّها الموت : أنت خائفٌ منّي !
في جولاتي الليلية الغامضة
يصرّ القمر أن يتبعني
أحـاول أن أتخفى منه في الحارات الجانبية
أدخل في زقـاق ضيّق
أختبأ في الظلام
إلا أنّه سرعان مـا يفضحني بنوره
بعد كأسين من الكونياك الرديء ..
عرفتُ كـيف سأتخلّص منه هذه الليلة
سأستدرجه إلى أقرب بركة مــاء
و أمزّقه ركلاً بجزمتي ...!