١١/٢٨/٢٠١١

لكننا كنّا فقط ننتظر أنْ يرحل




" البابا في روما .. الحطّابون في الجبال .. العجائز حَولَ نار المدفئة ، كلّ هؤلاء ينتظرونني أن أعود وَ معي مفاتيح أورشليم "


لكنّنا كنّا ننتظر أن يرحَل ، أن يرحَل فقط يا ريتشارد ............ .

و بعد سنوات ٍ، عديدة ، ستتذكر الأجيال القادمة هذه الفترة التعيسة وَ الحزينة وَ الغريبة في تاريخ شعبنا المسكين وتحاول فهم ما حدث ... .

لكن وَ على الأرجح لن يكون ذلك ممكناً ، تماماً كما لم نستطع نحن فهم ما حدث طوال تاريخنا الماضي الذي حدثت فيه ثورات و استقلال و حروب اهلية و ملكيين و جمهوريين و اتفاقات و تصفيات و اغتيالات .. وَ كلّ تلك المراحل التي خُتمت بتسويات ، الشيء الذي جعل محللي السياسة وَ جهابذة علم الاجتماع وَ شيوخ الصحاري المجاورة وَ المبعوثين الدوليين وَ الخبراء الاستراتيجيين و السياسيّين الكهول الى جانب محرري الجرائد الاسبوعية المحليّة القليلة التوزيع وَ ناشطي الفيس بوك " الواقعيين " وَ " البراغماتيين" على حدّ سواء يتّفقون على تلك اللازمة التي صارتْ تفسيراً لكل هذا الإرث اللامعقول : " هذا البلد لا يُحكم الا بالتوافق " .
وَ الحقيقة أيّها الرفاق الطيبون ، لا أحد قد وصل بعد الى فهم ذلك السؤال الوجودي الذي يحكم هذا المنطق العبثي كلّه: " ما هو التوافق ؟ "
هذه اللعنة التي تُطارد كلّ محاولةٍ للخروج بهذا البلد المسكين من خارج سياق التاريخ الى سياق التاريخ نفسه .

العاطلون وَ أصحاب العربيّات وَ بائعي البطاط المسلوق وَ سائقي الدّبابات وَ الموتورات و التكاسي وَ المعلمين وَ المعلمات وَ موظفي الدولة وَ عمّال القطاع الخاص وَ الشُّقاة وَ الطلّاب وَ قبائل المشايخ وَ الشهداء رجالاً وَ نساءً وَ شيوخاً وَ أطفالاً ، وَ المعاقين الذين خلّفتهم الثورة وَ العساكر الذين قتلوا وَ قُتلوا ، جميع هؤلاء الكادحين و البؤساء الذين اعتقدوا أنّ الثورات تُعطي كما تَأخذ ، هذه الجموع التي يتكوّن منها الشعب ، ما موقع كلّ هؤلاء من التوافق الذي يبدأ ليُهمل أحزانهم وَ ينتهي فيطلبَ دماؤهم ...... وَ هكذا ؟




هكذا ... و الحاصل أيّها الرفاق الطيبون أنّنا انتهينا حيث بدأ كلّ شيء ، وَحدنا ... .