٢/١٠/٢٠١٠

في لحظة بكاء ...


- أنت تبكي الان ؟ يمكنك أن تبكي .. البكاء يساعد أحياناً ..

- لكنه لا يغير شيئاً ..!

- هل يجب أن يغير شيئاً ؟

- لا اعرف .. لكنني أبكي دائما .

- يمكنك أن تبكي ..

- هل سأستمر في البكاء دائماً ؟

- عفواً ؟

- أقول ، هل يجدي الاستمرار في البكاء ؟

- يمكنك .. كلّ ما شعرت بذلك .



لحظة تبكي أنت ، من الممكن أن تكون هي ذات اللحظة التي يتناول فيها رجل وجبته السريعة ، هي ذات اللحظة التي تجرب فيها سيدة حذاءاً ضيقاً ، هي ذات اللحظة التي يقع فيها طفل عن دراجته ثم ينهض سريعاً وينفض الغبار عن بنطاله ، هي ذات اللحظة التي تنشب فيها الحرب في أرض ما ، ذات اللحظة التي ينزف فيها أحدهم حتى الموت في زقاق مظلم ،ذات اللحظة التي يصعد فيها الشيخ للمأذنة اللولبية ، ذات اللحظة التي ترش فيها ربة بيت مزيداً من الملح على الحساء ، ذات اللحظة التي ترتفع فيها راية بيضاء ، ذات اللحظة التي يتلمس فيها نشال أطراف محفظة ، ذات اللحظة التي ينهار فيها سقف على عائلة نائمة، ذات اللحظة التي تضع فيها عاهرة شعراً مستعاراً وتخبأ في جوربها سكين ، ذات اللحظة التي ينسكب فيها الحليب الساخن على رأس القطة ، ذات اللحظة التي يلتصق فيها جسدان في الركن الخلفي من حديقة ، ذات اللحظة التي تصطدم فيها حافلة بسيارة حمراء فيموت عشرون راكباً ، ذات اللحظة التي ينبح فيها كلب الجيران ، ذات اللحظة التي ترتفع فيها فقاعة من فم غريق ، ذات اللحظة التي ينضج فيها الخبز في الفرن ، ذات اللحظة التي يكذب فيها أحدهم ويضحك كاشفاً عن سن ذهبية في فكه العلوي ، ذات اللحظة التي تفلت فيها الريح المظلة من يد ، ذات اللحظة التي تنزع فيها الممرضة الضماد عن جرح ، ذات اللحظة التي يسقط فيها عصفور من السماء دون سبب ، ذات اللحظة التي تبدأ فيها نشرة الأخبار الرئيسية ، ذات اللحظة التي يكتشف فيها عالم الفيزياء حل معضلته الرياضية ، ذات اللحظة التي يدمر فيها زلزال نصف مدينة ، ذات اللحظة التي يدخن فيها صبي سيجارته الأولى ، ذات اللحظة التي تنسكب فيها علبة طلاء على أرضية الممر ، ذات اللحظة التي يقفل فيها أخوك هاتفه النقال وتنام أختك عميقاً ، ذات اللحظة التي تعد فيها زوجة جارك القهوة لعشيقها ، ذات اللحظة التي تنشر أمك القمصان على الحبل وهي تدندن ، ذات اللحظة التي يتسلى فيها حارس العمارة بقراءة طالعه في الأبراج اليومية ، ذات اللحظة التي تصاب فيها زوجته البدينة بالسكتة وتتدحرج على الدرج الرخامي ،هي ذات اللحظة التي يمضي فيها القطار سريعاً الى محطته ، هي ذات اللحظة التي يسقط فيها جسد امام القطار المنطلق الذي يمضي سريعاً الى محطته ، ذات اللحظة التي يعزف فيها متشرد الأرغن على الرصيف في المحطة ، هي ذات اللحظة التي ينزل فيها المطر ، هي ذات اللحظة التي تفلت فيها الريح المظلة من يد ، هي ذات اللحظة التي يدخن فيها صبي سيجارته الأولي في أحد الزوايا ، ذات اللحظة التي يسأل فيها الغريب عن أقصر الطرق الموصلة للجادة 9 ، ذات اللحظة التي تتأخر فيها سيارة الإسعاف ، ذات اللحظة التي يفتش فيها أحدهم عن زر لثوبه ، ذات اللحظة التي يكمل فيها أحد آخر قراءة فصل من رواية مبتذلة ،ثم يطفأ الضوء.

العالم ليس شاهداً على كوارثك الشخصية
وهي تماماً لا تعنيه
من تظن نفسك !
لتعتقد أنه سيقف ، لحظة تبكي أنت .