٣/١٧/٢٠٠٨

أحجارُ ذلك القوس




هذه هي سُـــرّة اسطنبول

القوسُ المشروخ الذي يقسم الطريق الضيّق بين السلـيمانية

وَ معهد اللغات ..

من هنا ، مرّت مواكب أباطرة بيزنطة ..

فيالق الإنكشارية التي أطلقها محمــّد الفــاتح مع الفجــر ..

الهاربات من حِرمْـلك ’ الطوب كابي ‘ باتّجَـاه الإنكسارات العميقة ..

مــرّ مصطفى كمال وَ هو يُلاحق دراويش المَولَويّة ..

مــرّت جموع اليسار التي تاهتْ بينَ الرّصاص و السّجون ،

من هنـا ، أيضاً ، تسلّل شُطّــار وَ أغوات وَ جواسيس وَ كلابٌ ليس لها أسماء ..

وَ هنا ، لـو تذكــرين ، أمسكتُ بيدك لأوّل مرّة !


.. تلوّنت أحجاره المتهَدّجة .. بـ فرح ٍ .. وَ موتْ .. وَ يأس ٍ .. وَ شريطة سوداء علـّقتها لك .. .



ســياق آخــر :




ورق أشجار الحـُور المتساقط على جادّة البارباروس بوليفــار

لا علاقة له بالخريف و تعرّي الأغصان ..

إنّه يطير نحو الأسفل .. علّه يتعلـّق بظـهر " آي نور " ..

و يصير فراشة ملوّنة .. !




Francisco de Goya




رســم فرانشيسكـو غــويا على جــدران بيته صورة العالـم كما صار يـراه: خـلاء لا معنـى له ، فخــّـاً لا نجـاة منه .. في مشـــهد رجلين يقتتلان بالعصي حتى المــوت ، في لوحات ٍ لـ وحـوش و ظلال موت .. كما في ساتورن يأكل إبنه و تلك الكائنات الخرافية و المرعبة التي ملئت لوحــاته الأخيرة .. .


لوحــة الكلب ، العالق وسـط الرمال ، هنا .. و في تفسير سيكولوجي عميق لها ، هي صورة ٌمـواربة للصورة التي يرى فيها غـويا نفسه ، الحيرة و الخوف المرعب من الضياع ؛

في الأدب عــبّر صمويل بيكيت عن عبثية قدر الإنسان و مأساة الوجود في انتفاء أي معنى للخلاص " لا شيء يحدث .. لا أحد يجيء " .. وَ هنا يقول غـويا نفس الشيء و لكن بوسيــلة أخرى أشدّ تأثيراً !